المملكة تستهدف خمسة ملايين سائح صيني حتى 2030
جريدة الرياض -

«أهلا بالصينيين في المملكة»، أربع كلمات قليلة الحروف استوجبت وضع أربعة أهداف رئيسة لاعتماد المملكة كوجهة سياحية رسمية للسياح من جمهورية الصين الشعبية، إذ تهدف المملكة لجذب خمسة ملايين سائح صيني حتى عام 2030، ورفع الطاقة الاستيعابية في الرحلات الجوية لنحو 130%، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في جميع المجالات، وتضمين اللغة الصينية بالمطارات والواجهات والمواقع السياحية والمنصات الرقمية لموقع «روح السعودية»، فيما أكد أحمد الخطيب وزير السياحة رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للسياحة على أن كل الامكانات مهيأة لضمان تجربة ملهمة للسياح من جمهورية الصين الشعبية ابتداء من 1 يوليو الحالي.

زيادة الناتج المحلي

وشدد خبراء اقتصاديون لـ"الرياض" على أن القطاع السياحي حقق في المملكة فوائد عدة، منها زيادة الناتج المحلي الإجمالي، إذ ساهم القطاع في شكل مباشر بنسبة 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في عام 2019، فيما تهدف المملكة لرفع مساهمة القطاع السياحي إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، كما أن القطاع وفر نحو 571 ألف وظيفة في عام 2019، مما يبلغ نحو 5.1% من إجمالي العمالة في المملكة، فيما يتوقع توفير 1.9 مليون وظيفة في القطاع مع حلول 2030.

وقال الخبير الاقتصادي م. نجيب السيهاتي لـ"الرياض": "إن الصين تعتبر ثاني أكبر اقتصاد عالمي، ولديها عدد سكان هائل جداً وهي دولة متقدمة لحد كبير في المجال التقني، وهي شريك اقتصادي قوي للمملكة، وبكل هذه المواصفات المهمة تأتي هذه الخطوات لتحقق المزيد من التقدم في القطاع السياحي"، مضيفاً "إن جعل المملكة واجهة سياحية للسياح من الصين يدل على وجود حراك سياحي يشهده القطاع، وهو حراك ينعكس بشكل ضخم على الاقتصاد الوطني، كما أننا سنشهد المزيد من الشراكات الاقتصادية ذات الطابع السياحي بين رجال أعمال من المملكة ورجال أعمال من جمهورية الصين، فهذه الخطوة تعد مهمة جداً، وهي انطلاقة جيدة ستنعكس وتعزز بدون شك من الاقتصاد السعودي الذي بات قويا في شكل غير مسبوق فهو الأسرع نمواً على الصعيد العالمي والمملكة ضمن مجموعة الـ20".

وشدد على أن الاقتصاد السعودي داعم أساس للقطاع السياحي، والاقتصاد في المملكة يحمل محفزات قوية مكنته من صنع ثقة عالمية، والصين إحدى الدول التي شاهدت منجزاتنا في الاقتصاد الوطني، ما عزز من ثقتها باقتصادنا الوطني، إذ أثبت للعالم تلك المنجزات على أرض الواقع، مضيفاً "تتمتع المملكة بعناصر جذب سياحية وبنية تحتية قوية جدا، فلديها المساحة الشاسعة والتنوع في في جميع المجالات والقطاعات مثل الترفيه، الصناعة، العقار، النقل، والسكان من الشباب نسبة عالية، وهذا عنصر جذب لأي شراكات بالنسبة للدول الكبرى، وهي عوامل جذب بالنسبة للسياح أيضا، فالسائح يريد بلداً قوياً اقتصادياً حينما يسافر إليه، وقوي أمنياً حيث يتوفر الأمان له في الدولة التي تستضيفه وهو متحقق في المملكة"، مشيراً إلى أن المملكة قطعت من عمر رؤيتها 50% وأن المدة المتبقية ستكون بكل تأكيد أفضل من المدة التي انقضت.

أهمية السياحة الاقتصادية

وذكر الخبير الاقتصادي د. علي بو خمسين بأن أعلان اعتماد المملكة كوجهة سياحية رسمية للسياح من دولة الصين أحد أهم مؤشرات تطور القطاع السياحي بالمملكة وانتعاشه خلال السنوات القادمة مع العدد الكبير المتوقع من السياح الصينيين للمملكة، وذلك في ظل اهتمام المملكة بهذا القطاع ووجود العديد من المشاريع السياحية الحديثة بالمملكة". وتابع "تعتبر وجهة للسياح من جميع انحاء العالم خاصة أن المملكة تستهدف من هذا الاعتماد جذب أكثر من خمسة ملايين سائح صيني بحلول العام 2030، باعتبار الصين ثالث أكبر مصدر للسياح القادمين إلى المملكة، لاسيما أن الصين تعد أكبر سوق في العالم مصدر للسياح، حيث تشير الإحصاءات عن مئة مليون سائح صيني إلى العالم سنوياً، ومما لاشك فيه ان هذه الخطوة سوف تسهم في تعزيز اقتصاد المملكة السياحي خاصة في ظل الاستعدادات الكبيرة التي تقوم بها المملكة لاستقبال هذا الكم الهائل من السياح وذلك من خلال تطوير البنية التحتية السياحية من مطارات وتأهيل للكوادر البشرية في هذا القطاع". وعن أهمية هذه الخطوة قال: "تسهم هذه الخطوة في تعزيز العلاقات الثنائية مع الصين، وتفتح الأبواب أمام التنمية الاقتصادية، وفي هذا الجانب حرصت المملكة على تنويع مصادر الدخل القومي وذلك بالاهتمام بتحقيق تنمية سياحية شاملة في المملكة العربية السعودية، لكي تصبح السياحة المصدر الأول للدخل القومي بدلاً من الاعتماد على النفط فقط، ولعل من أبرز أهداف السياحة السعودية والتي ركزت عليها رؤية المملكة 2030، أن تبلغ مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي 10% بدلاً مما هي عليه اليوم 3% وذلك بحلول عام 2030، وأن يتم توفير ما يقرب من مليون فرصة عمل إضافية في قطاع السياحة بمختلف مجالاته، لتصل إلى 1.6 مليون وظيفة في عام 2030م، وجذب السياح الدوليين والمحليين من مختلف دول العالم لزيارة المملكة، ومما لاشك فيه أن السياحة تشجع المستثمرين المحليين والدوليين على الاستثمار في المملكة، ما يعزز اقتصادها، ويزيد من نمو الاستثمارات بها".

وتابع "تعمل السياحة على تحقيق التبادل الثقافي والتجاري بين المملكة وغيرها من دول العالم وبالتالي العمل على تقوية العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وكثير من دول العالم مما يسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030، أما بالنظر إلى تأثير القطاع السياحي على الاقتصاد فيعتبر القطاع السياحي من أكثر القطاعات ديناميكية وأسرعها نمواً في العالم وتأثيرا على اقتصادات الدول وذلك من خلال زيادة مضاعف السياحة، وما يساعد على تحفيز النمو الاقتصادي، هذا إلى جانب التأثيرات المباشرة وغير المباشرة التي ترتبط مباشرة بالسياحة، مثل الإنفاق من قبل السياح على الإقامة والطعام والأنشطة والنقل الى جانب خلق فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وتنمية مختلف المناطق إضافة إلى التأثير الاقتصادي المباشر بواسطة صناعة السياحة، التي تشمل الفوائد الإيرادات الناتجة عن الإنفاق السياحي والتأثير الاقتصادي غير المباشر من خلال الفوائد الاقتصادية التي تولدها سلسلة التوريد في صناعة السياحة. علاوة على تنمية البنية التحتية إذ يمكن للسياحة أن تدفع نمو وتطوير البنية التحتية من فنادق جديدة ومطارات ومرافق سياحية أخرى لتلبية احتياجات الزوار، وما يحسن من جودة الحياة حيث تؤثر السياحة في خفض نسبة الفقر وتحسين مستوى المعيشة في المجتمعات المحلية حيث يمكن أن يخلق تطوير جذب سياحي جديد فرص عمل للسكان المحليين، مما يؤدي إلى زيادة الدخل وتحسين نوعية الحياة".

وأضاف "يمكن لصناعة السياحة تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، عندما يزور السياح منطقة، ينفقون الأموال على الإقامة والغذاء والسلع والخدمات الأخرى، وهذا يولد دخلاً للشركات المحلية، ويمكن إعادة استثمار هذا الدخل في الاقتصاد المحلي، حتى يخلق تأثيراً مضاعفاً يفيد المجتمع بأكمله، وتعتبر صناعة السياحة هي مصدر ممتاز للتوظيف الموسمي، حيث يوفر فرصاً للأفراد الذين يفضلون العمل خلال أوقات محددة من العام.

صناعة السياحة

وشدد د. بوخمسين على أن هناك ما بات يعرف بـ"صناعة السياحة"، وقال: "إن نمو صناعة السياحة يخلق تأثيراً إيجابياً على الاقتصاد المحلي، والشركات الصغيرة هي الشركات التي تستفيد أكثر من غيرها إذ تعد الشركات الصغيرة جزءاً أساسياً من صناعة السياحة مما يساعد على تنشيط الاقتصادات المحلية"، مضيفا "بالرغم من أهمية السياحة من الناحية الاقتصادية وفوائدها المجتمعية، إلا أنه مع استمرار نمو صناعة السياحة هنالك عواقب بيئية سلبية إذا لم تتم إدارتها بشكل صحيح، الأمر الذي يشير الى أهمية ترسيخ مفهوم السياحة المستدامة، الذي يهدف إلى موازنة النمو الاقتصادي مع حماية البيئة وبالتالي أهمية بين أصحاب المصلحة مثل منظمي الرحلات السياحية والمجتمعات المحلية والحكومة والمنظمات غير الحكومية، لضمان استدامة السياحة والمساعدة في حماية الموارد الطبيعية وخفض الاثار السلبية إلى الحد الأدنى من خلال تعزيز الممارسات السياحية المسؤولة".

عوامل جذب السياح

وشدد الخبير العقاري حسين النمر عل أن المملكة وفرت ولا تزال البنى التحتية الجاذبة للسياح من خلال قطاعات داعمة، منها الجانب العقاري، وقال: "تلعب البنى التحتية العقارية دورًا هامًا في استقطاب السياح وانعكاس ذلك على الاقتصاد في المملكة وذلك من خلال توفير بيئة سياحية مناسبة، إذ تُعدّ البنى التحتية العقارية الأساسية لجذب السياح، وتشمل ذلك المطارات، والموانئ، والطرق، والسكك الحديدية، ووسائل النقل العام، والخدمات اللوجستية، وتوفر هذه البنى التحتية سهولة الوصول إلى الوجهات السياحية، وتُعزز من تجربة السياح بشكل عام، وتوفير أماكن إقامة متنوعة، إذ توفر البنى التحتية العقارية أماكن إقامة متنوعة تلبي احتياجات جميع أنواع السياح، من فنادق فاخرة إلى شقق فندقية وبيوت ضيافة، وتُساهم تنوع أماكن الإقامة في جذب المزيد من السياح من مختلف الفئات، ودعم المشاريع السياحية، إذ توفر البنى التحتية العقارية الأساس لتنفيذ المشاريع السياحية المختلفة، مثل المنتجعات السياحية، والمدن الترفيهية، والمراكز التجارية، والمتاحف، والمعارض الفنية، وتُساهم هذه المشاريع في تنويع العروض السياحية وجذب المزيد من السياح، كما تخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في القطاع السياحي، مثل البناء، والصيانة، والتشغيل، والضيافة، ويُساهم ذلك في تحسين مستوى المعيشة وخلق فرص اقتصادية جديدة، وتعزيز الاستثمار، إذ تجذب البنى التحتية العقارية الاستثمارات في القطاع السياحي، وذلك من خلال بناء الفنادق والمنتجعات والمرافق السياحية الأخرى، إذ ُساهم ذلك في تنمية الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة، مشيرا إلى أن هناك بنى تحتية حققت تأثيرا في البنية العقارية الجاذبة، منها مشروع البحر الأحمر الذي يُعدّ أحد أكبر المشاريع السياحية في العالم، وسوف يُساهم في جذب ملايين السياح إلى المملكة، ومشروع نيوم الذي يُعدّ مشروع مدينة ذكية ومستدامة تُقام على ساحل البحر الأحمر، وسوف تُصبح وجهة سياحية عالمية فريدة من نوعها، ومشروع القدية الذي يُعدّ مشروع مدينة ترفيهية وثقافية تُقام على بعد 25 كيلومترًا من العاصمة الرياض، وسوف تُصبح وجهة سياحية مميزة للعائلات.

وأبان بأن البنى التحتية العقارية تعد أحد أهم العوامل المؤثرة على قطاع السياحة في المملكة، وتُساهم البنى التحتية الحديثة في استقطاب المزيد من السياح، وتُعزز من الاقتصاد الوطني، وتخلق فرص عمل جديدة، وتُحسّن من صورة المملكة كوجهة سياحية عالمية، وهو ما يتحقق كاعتماد المملكة وجهة للصينيين.

م. نجيب السيهاتي
د. علي بوخمسين
نسبة عالية للسياح من الدول الآسيوية


إقرأ المزيد