جريدة الرياض - 10/26/2025 1:17:19 AM - GMT (+2 )
انخفضت أسعار النفط في إغلاق تداولات الأسبوع الفائت، أمس الأول، مع تسلل الشكوك إلى السوق بشأن التزام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض عقوبات على أكبر شركتي نفط روسيتين بسبب الحرب في أوكرانيا. ومع ذلك، أنهى الخامان القياسيان برنت والأميركي الأسبوع بارتفاع يزيد على 7 %، وهو أكبر ارتفاع أسبوعي منذ منتصف يونيو.
انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 5 سنتات، أو 0.1 %، عند 65.94 دولارًا للبرميل، بينما أغلقت العقود الآجلة للخام الأميركي عند 61.50 دولارًا للبرميل، بانخفاض 29 سنتًا، أو 0.5 %.
ارتفع كلا الخامين القياسيين في وقت سابق من جلسة الجمعة، مواصلين مكاسبهما التي تجاوزت 5 % والتي تحققت يوم الخميس بعد الإعلان عن العقوبات، لكنهما تراجعا في الساعتين الأخيرتين من التداول.
وقال جون كيلدوف، الشريك في «أجين كابيتال»: «هناك شكوك متجددة في أن تكون هذه العقوبات قاسية كما يُقال». فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب عقوبات على شركة روسنفت الروسية، ولوك أويل، بهدف الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا. تُمثل الشركتان معًا أكثر من 5 % من إنتاج النفط العالمي، وكانت روسيا ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم في عام 2024 بعد الولايات المتحدة.
وأفادت مصادر تجارية أن العقوبات دفعت شركات النفط الحكومية الصينية الكبرى إلى تعليق مشترياتها من النفط الروسي على المدى القصير. وذكرت مصادر في القطاع أن مصافي التكرير في الهند، أكبر مشترٍ للنفط الروسي المنقول بحرًا، من المقرر أن تُخفّض وارداتها من الخام الروسي بشكل حاد.
وقال جانيف شاه، نائب رئيس تحليل أسواق النفط في ريستاد إنرجي، في مذكرة للعملاء: «التدفقات إلى الهند معرضة للخطر بشكل خاص. وستكون التحديات التي تواجه مصافي التكرير الصينية أقل حدة، بالنظر إلى تنويع مصادر النفط الخام وتوافر المخزونات».
وقال وزير النفط الكويتي، طارق الرومي، يوم الخميس إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مستعدة لتعويض أي نقص في سوق النفط من خلال التراجع عن تخفيضات الإنتاج التي فرضتها طوعا خلال الفترة الماضية.
وتوقع الوزير الكويتي ارتفاع أسعار الخام بعد العقوبات الأميركية، وقال «أتوقع أن أي قرار بفرض عقوبات أكيد ينعكس إيجابا على السعر. وأنا أتوقع أن السعر راح يرتفع إن شاء الله». وفي رده على سؤال عن إمكان حدوث تحول في الطلب باتجاه نفط الخليج والشرق الأوسط نتيجة العقوبات قال «نعم أتوقع (ذلك). نرى بوادر الآن».
والكويت هي عضو في «تحالف أوبك+» الذي يتكون من أعضاء «أوبك» بالإضافة إلى حلفاء آخرين بقيادة روسيا، ويضخ نصف إنتاج النفط العالمي تقريبا. ورفعت دول «أوبك+» إنتاجها النفطي تدريجيا بعد تخفيضه لسنوات سعيا لدعم السوق، وذلك بموجب اتفاق أبرمته المجموعة.
وزادت أهداف «أوبك+» لإنتاج النفط بأكثر من 2.7 مليون برميل يومياً هذا العام، أي ما يعادل حوالي 2.5 % من الطلب العالمي. وفي اجتماعها المنعقد في 5 أكتوبر، أعلنت «أوبك+» أنها سترفع إنتاج النفط اعتباراً من نوفمبر 137 ألف برميل يومياً.
وأعلنت الولايات المتحدة استعدادها لاتخاذ مزيد من الإجراءات، بينما سخر بوتين من العقوبات ووصفها بأنها غير ودية، مؤكدًا أنها لن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الروسي، ومشيدًا بأهمية روسيا في السوق العالمية.
وفرضت بريطانيا عقوبات على شركتي روسنفت ولوك أويل الأسبوع الماضي، ووافق الاتحاد الأوروبي على الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات ضد روسيا، والتي تشمل حظرًا على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي.
وأظهرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي يوم الخميس أن الاتحاد أضاف أيضًا مصفاتين صينيتين بطاقة إجمالية تبلغ 600 ألف برميل يوميًا، بالإضافة إلى شركة تشاينا أويل هونغ كونغ، وهي الذراع التجارية لشركة بتروتشاينا، إلى قائمة العقوبات الروسية.
وفي المستقبل، ركز المستثمرون أيضًا على اجتماع بين ترمب والرئيس الصيني شي جين بينج الأسبوع المقبل حيث يعمل الاثنان على تهدئة التوترات التجارية طويلة الأمد وإنهاء سلسلة من الإجراءات الانتقامية المتبادلة.
وأعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على أكبر شركتين نفطيتين في روسيا، روسنفت ولوك أويل، في خطوة تهدد بإحداث اضطراب في سلسلة إمداد الطاقة التي تربط موسكو بأكبر عملائها في آسيا، بحسب خبراء الصناعة، مع التأكيد على أن الصدمة لن تكون فورية.
وأفادت وزارة الخزانة الأميركية، أن العقوبات تستهدف الشركتين بسبب «نقص الالتزام الجاد» من موسكو بإنهاء الحرب في أوكرانيا، مشيرة إلى أن الهدف هو تقليص قدرة الكرملين على تمويل الحرب، مع تلميح بإمكانية اتخاذ تدابير إضافية لاحقًا.
وحددت واشنطن 21 نوفمبر كموعد نهائي لإنهاء العمليات، ما يمنح الشركات نحو شهر لإنهاء أو إلغاء الصفقات القائمة مع «روسنفت» و»لوك أويل»، في محاولة لتفادي الفوضى الفورية في الأسواق النفطية، بحسب بوب ماكنالي، رئيس مجموعة رابيدان إنرجي.
تستحوذ «روسنفت» و»لوك أويل» معًا على نحو نصف صادرات النفط الروسية اليومية التي تتجاوز 4 ملايين برميل، وهي الكميات التي وجدت أسواقًا مستقرة في آسيا منذ فرض الغرب حدًا أقصى للسعر عند 60 دولارًا للبرميل أواخر 2022، وفق بيانات شركة فاندّا إنسايتس.
واستوردت الصين نحو مليوني برميل يوميًا في سبتمبر، فيما بلغت واردات الهند نحو 1.6 مليون برميل يوميًا. ووصفت مويو شو، كبيرة محللي النفط الخام في شركة كبلر لتتبع ناقلات النفط، العقوبات بأنها «تصعيد كبير محتمل»، مضيفة أن التدابير الأميركية قد تدفع كبار المشترين إلى خفض مشترياتهم أو وقفها مؤقتًا.
وفي الهند، من المتوقع أن تؤثر العقوبات مباشرة على عدة مصافٍ مرتبطة بالإمدادات الروسية، بينها مصافي مملوكة للدولة، إضافة إلى شركات خاصة. كما تمتلك «روسنفت» الروسية نحو 50 % من شركة نيارا للطاقة الهندية، مشغلة مصفاة فادينار في ولاية غوجارات، ما قد يعيق بيع المنتجات المكررة. وتراجع إنتاج المصافي الهندية إلى التدقيق في أوراق التجارة النفطية الروسية لضمان عدم الاعتماد المباشر على «روسنفت» أو «لوك أويل».
ومن المتوقع أن تضطر الهند للانسحاب من بعض اتفاقياتها البحرية، بينما قد تستمر تدفقات النفط عبر خطوط الأنابيب إلى الصين، بحسب محللة السوق في فورتيسكا، إيما لي. وأكد خبراء الطاقة أن المصافي الصينية ستتصرف بحذر بشأن الشحنات المرتبطة بالشركتين، مع وجود عقود محدودة للإمداد عبر خطوط الأنابيب ولا توجد عقود طويلة الأجل للنفط البحري.
وقالت شو: «لا أتوقع توقفًا كاملًا لتدفقات النفط الروسية، لكن من المؤكد حدوث توقف قصير الأجل وفوري». وأضاف ماكنالي أن العقوبات ستجبر المشترين على إيجاد طرق جديدة لنقل ودفع تلك الشحنات، ما يزيد التكاليف والتعقيدات، وهو ما تريده واشنطن لتقليص أرباح موسكو دون وقف صادراتها تمامًا.
وأشار خبراء الطاقة إلى أن الصين والهند سيكون أمامهما خيار محدود إلا بالاعتماد على الإمدادات الأميركية وإمدادات أوبك، مع قدرة فائضة حالية داخل أوبك، خصوصًا السعودية، ما قد يرفع الأسعار نتيجة الطلب المتزايد على الإمدادات غير الخاضعة للعقوبات.
وتختلف هذه التدابير عن آلية حد السعر السابقة التي سمحت بتداول النفط الروسي طالما كان سعره دون 60 دولارًا، إذ تشير الإجراءات الجديدة إلى حظر شراء النفط الروسي بغض النظر عن السعر. وأضافت فاندانا هاري، مؤسسة فادنا إنسايتس»: «هذا ملف عالي المستوى للغاية، وواشنطن لا يمكن أن تظهر بمظهر النمر الورقي. لكن يبقى السؤال الأكبر حول مدى استمرار هذه العقوبات، فمكالمة هاتفية واحدة بين ترمب وبوتين قد تغيّر الوضع 180 درجة مجددًا».
من جانبه، توقع الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» هيثم الغيص، ارتفاع الطلب على كافة أنواع الوقود حتى عام 2050 وذلك مع زيادة الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 23 %. وأشار الغيص إلى أن الطلب العالمي على النفط وقتها سيصل إلى 123 مليون برميل يومياً ليستحوذ على حصة تصل إلى 30% من مزيج الطاقة العالمي.
وأكد أمين عام «أوبك» على أهمية الاستثمار في قطاع الطاقة وخصوصاً النفط الذي تقدر احتياجاته بنحو 18.2 تريليون دولار حتى عام 2050، خصوصاً مع النمو السكاني والتوسع الاقتصادي وظهور صناعات جديدة كثيفة الاستهلاك للطاقة.
استقرت أسعار النفط، قرب أعلى مستوى لها في أسبوعين، مع تقييم المتداولين لمدى قدرة العقوبات الأميركية الجديدة على أكبر منتجي روسيا على مواجهة فائض عالمي وشيك. وقال دان غالي، كبير استراتيجيي السلع في تي دي للأوراق المالية: «ما لم تحدث صدمة هبوطية، فإن كل سيناريو سيؤدي إلى نشاط شراء خوارزمي واسع النطاق خلال جلسات التداول القادمة».
كما زاد الاتحاد الأوروبي من الضغط على الكرملين بحزمة عقوبات تستهدف البنية التحتية للطاقة في روسيا، بما في ذلك حظر كامل على معاملات شركتي روسنفت وغازبروم نفط. تأتي هذه الإجراءات في وقت يواجه فيه سوق النفط فائضًا كبيرًا، حيث بلغ حجم ناقلات النفط في البحر مستوى قياسيًا، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتجاوز العرض العالمي الطلب بنحو 4 ملايين برميل يوميًا العام المقبل.
وفي الوقت نفسه، اشترت شركة ريلاينس إندستريز الهندية، وهي مستورد رئيسي للنفط الروسي، ملايين البراميل من النفط الخام من الشرق الأوسط والولايات المتحدة. وعادةً ما يشتري المُعالج خامات الشرق الأوسط، لكن عمليات الشراء الأخيرة - بما في ذلك بعض المعاملات التي سبقت العقوبات الأميركية - كانت أكثر نشاطًا من المعتاد، وفقًا للمتداولين.
تُظهر منحنيات أسعار النفط الخام الآجلة أيضًا علامات على زيادة ضغط العرض. وقد اتسع هامش ربح عقود خام غرب تكساس الوسيط الآجلة للشهر الأول على العقد التالي - والمعروف باسم الفارق الفوري - بشكل ملحوظ منذ بداية الأسبوع، مما عزز هيكلًا يُعرف باسم «التراجع» والذي عادةً ما يشير إلى سوق ضيق.
تتوقع روسيا ضربة لميزانيتها، لكن الدولة - التي تتمتع بخبرة واسعة في الالتفاف على العقوبات - ستنشر شبكتها من المتداولين وناقلات النفط الموازية للحد من التأثير المالي، وفقًا لمسؤول مقرب من الكرملين. وتُعدّ شركة روسنفت، التي يرأسها إيغور سيتشين، الحليف المقرب للرئيس فلاديمير بوتين، وشركة لوك أويل، أكبر منتجين في البلاد.
كما تواجه روسيا هجمات أوكرانية على بنيتها التحتية للطاقة. وقد أعلنت هيئة الأركان العامة للبلاد مؤخرًا عن وقوع هجوم على مصفاة روسنفت في ريازان.
إقرأ المزيد


