جريدة الرياض - 12/10/2025 2:53:41 AM - GMT (+2 )
ي ظل التحولات الاقتصادية العميقة التي تشهدها المملكة العربية السعودية، تبرز الخدمات اللوجستية اليوم كركيزة أساسية في دعم مسار التنويع الاقتصادي وتعزيز قدرات المملكة التصديرية. ومع النمو المتسارع في التجارة غير النفطية، تواصل المملكة ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي محوري للتجارة وسلاسل الإمداد، وهو ما يعكس التقدم الواضح نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030 في بناء اقتصاد أكثر تنافسية وانفتاحاً على العالم. وفي هذا السياق، تتلاقى التحسينات المتسارعة في البنية اللوجستية مع اهتمام المملكة بتطوير شبكات النقل الجوي والبري، مما يفتح المجال أمام شركات عالمية للمساهمة في المرحلة المقبلة من ازدهار قطاع التجارة والخدمات اللوجستية.
شهدت صادرات المملكة غير النفطية، بما في ذلك إعادة التصدير، نمواً بنسبة 5.5% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق في أغسطس 2025 ، بدعم من الطلب القوي من كبار شركائها التجاريين، وفي طليعتهم الصين ودولة الإمارات العربية المتحدة. ويُبرز هذا الزخم تحول المملكة من سوق استهلاكي بامتياز إلى قوة هامة على المستوى الإقليمي والعالمي في مجالي الإنتاج وإعادة التصدير. كما يدل ذلك على التقدم المستمر نحو بلورة أهداف رؤية المملكة 2030 لبناء اقتصاد أكثر مرونة وتركيزاً على التجارة.
ولمواصلة هذا الزخم، تحتاج المملكة إلى إمكانات لوجستية قادرة على مواكبة حجم طموحاتها الاقتصادية وسرعة بلورتها. وفي ظل هذه الظروف المواتية قد تتاح لشركات عالمية، مثل فيديكس، فرصة قيّمة لدعم المرحلة المقبلة من رحلة نمو المملكة العربية السعودية.
إنشاء البنية التحتية الداعمة لاقتصاد مرتكز على التجارةاستمراراً لتنفيذ خطط نموّها الاستراتيجي في المنطقة، وسّعت فيديكس مؤخراً نطاق حضورها التشغيلي المباشر وبنيتها التحتية في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك الإعلان عن تدشين خط شحن جوي مباشر على متن طائرة بوينج 777 يربط أوروبا بالرياض وصولاً إلى آسيا. ويكمن الهدف من هذه الخطوة في تعزيز السعة الجوية وتحسين أوقات الترانزيت لمواكبة حجم التدفق التجاري المتزايد للمملكة. وقد شمل التوسع أيضاً افتتاح محطات تشغيلية جديدة وبوابات رئيسية في الرياض وجدة والدمام، فضلاً عن إنشاء ممرات برية جديدة تربط الرياض بجدة والدمام والأسواق الرئيسية بدول مجلس التعاون الخليجي، مما يساهم بشكل فعال في تعزيز تكامل الشبكة الجوية والبرية لفيديكس في منطقة الشرق الأوسط.
إلى جانب ذلك، بالتزامن مع جهود المملكة لتعزيز مكانتها كوجهة عالمية رائدة في قطاع الخدمات اللوجستية، فإن مشاريع تطوير البنية التحتية لشركة فيديكس، على غرار المركز المزمع إنشاؤه في مطار الملك سلمان الدولي المرتقب الذي سيقدم خدمات النقل إلى المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت وقطر، سيكون لها دور حيوي في تحسين الربط الإقليمي، ودعم تدفقات التجارة المتزايدة، فضلاً عن توفير وصول أسرع وأكثر كفاءة للشركات السعودية إلى الأسواق العالمية.
يتم تشغيل هذه الشبكة اللوجستية باستخدام أدوات رقمية متطورة تهدف إلى تبسيط عمليات الشحن، وتحسين التتبع المرئي وزيادة الكفاءة عبر مختلف مراحل سلسلة التوريد.
وأشار عبد الرحمن المبارك، العضو المنتدب للعمليات في فيديكس الشرق الاوسط وشبه القارة الهندية وأفريقيا، بالقول، "تحقق الشركات السعودية نمواً متسارعاً وتوسعاً ملحوظاً، مما يستدعي وجود شبكة لوجستية داعمة تتسم بالكفاءة والمرونة لمواكبة هذا التطور بثقة واقتدار." وأضاف، "نحن في فيديكس نسعى من خلال توسيع عملياتنا في المملكة إلى تقديم الدعم اللازم للمصدرين من خلال توفير الثقة والإمكانيات العالمية التي تمكّنهم من المنافسة على الساحة الدولية، بما يتماشى مع طموحات رؤية المملكة 2030 لتأسيس قطاع لوجيستي بمعايير عالمية. ومع استمرار مضي المملكة بخطى واثقة نحو تعزيز اقتصادها المتنوع، فنحن نركز على توفير البنية التحتية والذكاء الرقمي اللازمين لدعم هذا النمو وبلورة التطلعات المستقبلية."
النمو الصناعي يُحدث تحولاً حاسماً في مفهوم المتطلبات اللوجستيةيكتسب قطاعا الصناعة والإنتاج الصناعي في المملكة العربية السعودية اليوم سمة تنافسية على الصعيد العالمي، ويتجلى ذلك في مكونات صادرات المملكة، إذ تمثل نسبة الآلات والمعدات الكهربائية نسبة 25.4% من إجمالي الصادرات غير النفطية، تليها المنتجات الكيماوية بنسبة 22.7% . ويعزز هذا الاتجاه المتزايد في النمو الحاجة إلى حلول شحن متكاملة ومتطورة تقنياً، تلبي متطلبات شحن البضائع الثقيلة والخاضعة للرقابة، والتي تتراوح أوزانها بين 68 و1.000 كيلوجرام.
وأشار المبارك بالقول: "مع توسّع أنشطة الإنتاج والتوزيع في مختلف أنحاء المملكة، تحتاج الصناعات إلى حلول شحن مُخصَّصة توفّر تتبّعاً شبه لحظي، وتحقق التوازن المناسب بين السرعة والتكلفة. يشمل ذلك خدمات الشحن السريع للبضائع المرتبطة بمواعيد زمينة دقيقة والتي يتم نقلها دولياً عن طريق الجو، بالإضافة إلى خيارات النقل البري المُؤجل ضمن منطقة الخليج. كما يتطلب القطاع حلول شحن قادرة على التعامل مع بضائع كبيرة الحجم أو محملة على منصات متنقلة، إضافة إلى البضائع التي تخضع لظروف تخزين مُحكَمة مثل التحكم في درجة الحرارة، والبضائع المصنفة كخطرة، بما يتوافق مع المعايير التنظيمية. تسهم هذه الميزات في تسهيل حركة الشحن الصناعي بمرونة، مما يعزز نمو قطاعات حيوية كقطاع الطاقة والرعاية الصحية، وهما يمثلان دعائم رئيسية لتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي ضمن رؤية المملكة 2030."
الشركات الصغيرة والمتوسطة: القوة الدافعة لنمو الصادراتفي ظل النمو المستمر للنشاط التجاري، تبرز الشركات الصغيرة والمتوسطة اليوم في وضع جيد يفتح أمامها آفاقًا جديدة للاستفادة من الفرص المتاحة. وتعزز البنية التحتية اللوجستية المتطورة وشبكة الربط المتقدمة في المملكة قدرات رواد الأعمال المحليين على المنافسة عالمياً. وتبقى هذه الشركات، التي يبلغ عددها نحو 1.7 مليون شركة في المملكة العربية السعودية ، عنصراً أساسياً في دفع عجلة التنويع الاقتصادي. إن اكتساب المعرفة في طرق التعامل مع الإجراءات الجمركية ومتطلبات الشحن الإقليمية يشكل أحد الاعتبارات الرئيسية التي ينبغي أخذها بالحسبان بالنسبة للكثيرين.
وخلص المبارك إلى القول، "تُشكّل الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية ركيزة محورية في منظومة التجارة. ونحن بدورنا، نقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال برنامج «Cluster Program»، الرؤى والأدوات العملية لتعزيز انخراطها في التجارة على المستويين الإقليمي والدولي. علاوةً على ذلك، وبالتعاون مع هيئة تنمية الصادرات السعودية في إطار برنامج "صنع في السعودية"، نعمل كذلك على دعم المنتجات والخدمات المحلية لطرحها في أسواق جديدة. نحن نسعى إلى تزويد الشركات الصغيرة والمتوسطة بالبنية التحتية اللوجستية المناسبة، وإتاحة الوصول إلى الموارد، وتوفير الخبرة اللازمة لتوسيع نطاق أعمالها والمنافسة على المستوى العالمي. كما أننا نحرص على مساعدة تلك الشركات في تحويل قدراتها إلى إنجازات ملموسة من خلال تبسيط الإجراءات التجارية وتعزيز الروابط.
إن نمو قاعدة الصادرات السعودية وتوسع النشاط الصناعي وتعزيز الروابط التجارية يسهم بشكل كبير في إعادة تشكيل متطلبات الخدمات اللوجستية على نطاق المملكة. ومع تنامي الحاجة إلى وسائل نقل موثوقة ومدعومة بحلول تقنية متقدمة، سيصبح التركيز منصباً على إنشاء شبكات تتلاءم مع المسار الاقتصادي المستقبلي للمملكة. ومن خلال تطوير بنية تحتية ذات مستوى عالمي، وتعزيز الترابط، وتوفير مسارات واضحة وميسرة للشركات بجميع أحجامها، تمضي المملكة بخطى ثابتة نحو تهيئة الأسس اللازمة لبناء ركيزة اقتصادية أكثر ازدهاراً على مدى السنوات المقبلة.
إقرأ المزيد


