35 % من إجمالي الإنفاق الحكومي موجه للتعليم والصحة والتنمية الاجتماعية
جريدة الرياض -

ضاعفت رؤية 2030 الاستثمار السعودي في الإنسان، ورسخت للعمل على الاستثمار فيه كأصل اقتصادي طويل الأمد، وكان النجاح حليفا لبرنامج تنمية القدرات البشرية من خلال تحقيق عدد من الطموحات التي تظهر التنافسية العالية التي وصل لها المواطن على المستويين المحلي والدولي، إذ حققت المملكة المرتبة 37 عالميًا من بين 193 دولة في تقرير التنمية البشرية لعام 2025 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) مؤكدة بذلك التزامها بتنمية القدرات البشرية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 عبر ضمان جاهزية المواطنين في جميع مراحل الحياة من خلال الاستثمار في المواهب والكفاءات الوطنية، وضمان المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وتعزيز ودعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، وتطوير وإعادة تأهيل المهارات، إضافةً إلى ترسيخ القيم وتعزيزها، ونشر اللغة العربية والعناية والاعتزاز بها؛ للوصول إلى اقتصاد مزدهر تقوده قدرات وطنية ذات كفاءة عالية.

ويأتي تخصيص جزء كبير من الميزانية العامة للدولة للاستثمار في الإنسان، ليؤكد حرص الدولة على النهوض بقدرات مواطنيها من خلال تطوير منظومة التنمية البشرية حيث مثل الإنفاق على القطاعات الحيوية (التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية) أكثر من 35 % من إجمالي الإنفاق الحكومي في عام 2025 وتقديرات عام 2026، حيث خصص لقطاعي الصحة والتعليم ميزانية تقدر بنحو 468 مليار ريال لعام 2025، وهو ما يعكس أولوية الدولة في تطوير جودة الرعاية الصحية والمنظومة التعليمية وكان الموجه للتعليم وحده أكثر من 200 مليار ريال تشمل التعليم العام والجامعي والتدريب التقني والمهني لعام 2025، مع استهداف مخصصات مشابهة لتلك المخصصات في العام 2026 لضمان استمرارية التطوير كما قد الإنفاق الإجمالي لقطاعات التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية في ميزانية عام 2026 بنحو 461 مليار ريال.

تنمية رأس المال البشري

ومن منطلق أن تنمية رأس المال البشري تمثل ركيزة أساسية لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، اعتمدت المملكة في تطوير سوق العمل على ثلاث ركائز هي: المرونة في السياسات، والشمولية في الفرص، والتكامل بين القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية، بما يضمن استجابة فعالة للمتغيرات العالمية وتسارع وتيرة التغيير في بيئات العمل. الاستثمار التنموي طويل الأجل إضافة إلى تحقيق الاستدامة التي توفر الرخاء للأجيال القادمة، وعملت المملكة ضمن رؤية 2030، على تبني العديد من المبادرات والبرامج الكفيلة بتحويل المواطن من مستهلك إلى قوة منتجة ومن تلك المبادرات التي ترتبط بمستهدفات التنمية المستدامة بقيام برنامج تنمية القدرات البشرية: بإطلاق مبادرة "التدريب على رأس العمل" (تمهير)، التي تضمن انتقال المواطن من مقاعد الدراسة إلى الإنتاجية الفورية في سوق العمل، مع التركيز على المهارات المستقبلية (الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني)، وقد نجحت تلك المبادرة في تجاوز المستهدفات المنشودة منها بحلول عام 2025، حيث استفاد منها أكثر من 70,000 خريج وخريجة، وما زال الطلب عليها مرتفعا بشكل تصاعدي وأسهمت تلك المبادرة في رفع مهارات الكوادر الوطنية، حيث يحصل المتدرب على شهادة معتمدة بعد فترة تدريب تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر، مما يعزز من فرص تثبيته في المنشأة أو حصوله على وظيفة أخرى كما دعمت التوسع في تجربة واختيار الكفاءات الوطنية قبل التوظيف الفعلي، مع السماح للمنشأة بالتعاقد مع ما يصل إلى 10 % من إجمالي موظفيها كمتدربين في تمهير.

كما تعد مبادرة دعم العمل الحر والمنشآت الصغيرة والتي أسهمت بدعم من التمويل الضخم الموجه للمنشآت ورواد الاعمال الذي يدلل عليه "ضخ بنك التنمية الاجتماعية أكثر من 8 مليارات ريال سنوياً" مثالا آخر يدلل على ترسيخ الاستثمار في الإنسان كأصل اقتصادي طويل الأمد حيث أسهمت تلك المبادرة في زيادة عدد الموظفين في المنشآت التي يمولها بنك التنمية الاجتماعية من 12 ألفاً في عام 2021 إلى أكثر من 140 ألف موظف في عام 2025.

العمل الحر

وكما عملت المملكة على تغيير النظرة المجتمعية للعمل المهني بحيث أصبحت الكليات التقنية تخرج كوادر قادرة على قيادة المصانع الذكية والمدن التقنية مثل "نيوم" وشهدت المملكة تحولاً كبيراً في نمط التوظيف مع صعود «العمل الحر» كمحور رئيس في سوق العمل وتجاوز عدد المسجلين على منصة «عمل حر» 2.25 مليون فرد حتى سبتمبر 2024، فيما صدرت 2.358 مليون وثيقة للعمل الحر بنهاية النصف الأول من 2023، ليغطي هذا العدد أكثر من 281 مهنة معتمدة في مجالات متنوعة حيث تظهر البيانات الإحصائية من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية استحواذ قطاع "التجارة والتجزئة" على 38 % من ممارسي العمل الحر، تليه الصناعة 13 %، ثم خدمات الأعمال 11 %، ويتركز 27 % منهم في الرياض، و22 % في مكة المكرمة، و14 % في المنطقة الشرقية، كما تمثل الفئة العمرية 25 - 34 عاماً الشريحة الأكبر، ويحمل 62 % منهم شهادة بكالوريوس، مقابل 31 % ثانوي فأقل، و7 % درجات عليا، وقدر إسهام قطاع العمل الحر في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بنحو 72.5 مليار ريال، وهو ما يعادل 2 % من إجمالي الناتج المحلي كما أسهمت مرونة العمل الحر في الحفاظ على مستويات منخفضة للبطالة الإجمالية، والتي سجلت 2.8 % في الربع الأول من عام 2025، كما أشارت تقارير متواترة إلى رغبة أكثر من 3.2 ملايين امرأة في دخول مجال العمل الحر، مع تنامي دور "الأسر المنتجة" التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من هذا المنظومة وكانت الفئة الأكثر نشاطاً في العمل الحر هي الشباب في الفئة العمرية 25 - 34 عاماً، وهم من يمثل المحرك الرئيس لهذا النمو، وتشير التوقعات إلى زيادة إسهام ممارسي العمل الحر في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 5 % بحلول عام 2030، صعوداً من نسبة 2 % الحالية، إضافة إلى التوسع في الخدمات المستقلة المرتبطة بـ الذكاء الاصطناعي (AI)، تعلم الآلة، وتحليل البيانات الضخمة والتوسع ليشمل الاستشارات الصحية، القانونية، والبيئية، بالإضافة إلى التصميم الصناعي بدعم من المشاريع العملاقة مثل (نيوم، والبحر الأحمر، والقدية) التي يتوقع أن توفر آلاف الفرص لممتهني العمل الحر في مجالات الهندسة المعمارية، السياحة، والإنتاج الإعلامي.

ومثلما حرصت رؤية 2030 على متابعة وتعزيز التركيز على المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل المتغيرة، مع التوسع في التدريب التقني والمهني لدعم الصناعات الجديدة في المملكة، حرصت أيضا على تفعيل أدوار جميع أفراد المجتمع ومنهم المرأة التي كان دورها ومشاركتها في سوق العمل محدودا ففتحت لها آفاقا واسعة في مختلف القطاعات والأنشطة لترتفع نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة لتصل إلى 36.3 % بحلول الربع الأول من عام 2025، متجاوزة بذلك مستهدف الرؤية الأولي (30 %) قبل أوانه، واحتلت المملكة في عام 2025 المركز الأول عالمياً في تمكين المرأة في مجال الذكاء الاصطناعي (بناءً على نسبة الإناث إلى الذكور) وفقاً لتقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي الصادر عن جامعة ستانفورد. كما بلغت نسبة النساء في مناصب الإدارة العليا والمتوسطة أكثر من 44.1 %، مدعومة ببرامج تدريبية متخصصة مثل "مبادرة التدريب القيادي" وتعززت القوانين التي تضمن المساواة في الأجور بين الجنسين، مما أسهم في تقدم المملكة للمركز 13 عالمياً في مؤشر مساواة الأجور كما استفادت أكثر من 300,000 امرأة من برنامج "وصول" لنقل المرأة العاملة، وآلاف الأمهات من برنامج "قرة" لدعم ضيافة الأطفال.

44 % نسبة النساء في مناصب الإدارة العليا والمتوسطة
الرؤية عززت الاستثمار في الإنسان كأصل اقتصادي


إقرأ المزيد